سمر الخضرى تكتب … الانتقاد المستمر لمسلسلات رمضان في مصر
كتبت اعلاميه / سمرالخضرى
أثارت هذه الانتقادات موجة مضادة ترفض التدخل في المسلسلات باعتبارها أعمالاً فنية يختار موضوعاتها ويكتب سيناريوهاتها فنانون، ولا يجوز إعمال الرقابة على هذه المسلسلات حرصاً على الإبداع الفني وخوفاً من الحجر على حرية الفكر. كما يرى البعض أن هذه المسلسلات تعكس جزءاً من واقع نعيشه ولا يجوز إغفاله لأن التركيز عليه يجعل المجتمع أكثر اهتماما بالتعامل مع السلبيات التي يعرضها، وأن الحديث عن الإيجابيات فقط لا يفيد في تصحيح الأوضاع المعوجة.
والحوار الدائر يتكرر كل عام حتى أصبح من لوازم شهر رمضان. ولا يتم حسم هذا الحوار لأن كل طرف يتناول الأمر بشكل احادي ويتجاهل الطرف الآخر. وأحد الاعتبارات الحاكمة له علاقة بانطباع سائد بأن نسب مشاهدة العمل الدرامي ترتفع إذا تضمن مشاهد العنف والجنس والكلمات النابية. ومن خلال صناعة الإعلانات، تحسم اعتبارات المكسب والخسارة الأمر بالنسبة للمنتجين وبالنسبة لأصحاب القنوات التليفزيونية ولا تترك لهم خياراً. وترسخ في الوجدان أن العمل الدرامي لن ينجح إذا خلا من أحد نوعي التوابل: العنف والجنس، وربما يرى البعض أن النجاح يكتمل لو جمع العمل الدرامي بين السوأتين.
وفي خضم هذا النقاش الذي يبدو كما لو كان صراعاً بين قوى الخير والشر، يتوارى اعتبار هام تتجاهله كل الأطراف المسؤولة عن منظومة الدراما في مصر، وهذا الاعتبار يتم احترامه في مجتمعات يحلو لنا وصفها بأنها مجتمعات منحلة لا تلتزم بالقيم الشرقية الأصيلة التي نكتفي بالتشدق بها دون أن نطبقها. وهذا الاعتبار الهام هو حق المشاهد في الاختيار وتمكينه من عدم مشاهدة المحتوى الذي يتضمن مشاهد عنف مفرط أو جنس صريح أو ألفاظ نابية إذا كان هذا المحتوى يؤذي مشاعره.
من الواجب أيضا الإشارة إلى أن التعامل مع هذا الموضوع يجب ألا يؤدي إلى الإضرار بصناعة المسلسلات باعتبارها قطاعاً اقتصاديا يسهم في توليد دخل وفي خلق فرص عمل كما أن المسلسلات المصرية حققت تاريخياً ريادة مصرية تعتبر من ضمن أدوات القوة الناعمة لمصر التي يجب استمرارها. وربما يخشى بعض المنتجين أن يؤدي تطبيق هذه الاعتبارات إلى ضياع حصتهم السوقية في السوق المحلي وفي السوق العربي، وهي نقطة لها وجاهتها إن أردنا أن نضع نظاماً قابلاً للتطبيق يكون الكل فيه فائزاً، وتقديري في ضوء كثير من التعليقات التي تصدر عن الأشقاء العرب أن العكس هو الأقرب للحدوث، أي أن تطبيق هذه القواعد التي تدعم حق المشاهد في الاختيار قد تكون أكثر جذباً وتسمح للريادة المصرية في الدراما العربية بتجديد ثوب لا يخلو من بقع سوداء.
والهدف من هذا المقال تجاوز الحالة السلبية المتمثلة في التذمر المتكرر -من محتوى المسلسلات التي تدخل البيوت دون استئذان- إلى حالة إيجابية ترسي منظومة تضمن حق المشاهد دون أن تقيد حرية الإبداع. ويعتمد الاقتراح على المحاور الآتية:
يلتزم منتج كل مسلسل بتحديد تصنيف للمسلسل وفقا لأحد التصنيفات التالية: مناسب لمشاهدة الجميع – غير مناسب لأقل من 15 سنة – غير مناسب لأقل من 18 سنة.
تلتزم القنوات التلفزيونية بالتنويه في بداية كل مسلسل إلى التصنيف المحدد للمسلسل.
لا يتم بث المسلسلات “غير المناسبة لأقل من 18 سنة” إلا بعد العاشرة مساء للحد من تعرض الأطفال لمحتواها ولتمكين الأسر من اختيار ما يناسب أطفالهم.
يأخذ اتحاد الإذاعة والتليفزيون المبادرة بدعوة القنوات التليفزيونية غير المملوكة للدولة للمشاركة في تنظيم آليات لتطبيق هذا المقترح، بما في ذلك أدوات المتابعة والتقييم لمدى الالتزام بما يتفق عليه، ويجب أن يتم التشاور مع المنتجين للوصول إلى صيغة ملائمة للجميع.